لقاء مع المهندس ماجد الكربي مدير مركز التراث الحضرمي الثقافي
حاوره مسعود عمشوش
اليوم يعدّ (مركز التراث الحضرمي الثقافي)، أهم مركز لجمع وحفظ التراث في مدينة سيؤن الطويلة بوادي حضرموت، وواجهة توعوية وسياحية مهمة تقوم بدور كبير في تعريف أطفالنا وشبابنا بما خلفه لهم أجدادهم وآباؤهم من موروث وتراث ثقافي. وللتعرف عن كثب على نشاط المركز وأقسامه والتحديات التي يواجهها وآفاق تطويره قمنا بإجراء هذا اللقاء مع مؤسسه ومديره المهندس ماجد الكربي.
س1- أستاذ ماجد، من المعلوم أنك اخترت أن تتأهل أساسا في الهندسة المدنية، واليوم تدير أحد أهم مراكز الحفاظ على التراث الثقافي والترويج له داخليا وخارجيا، هل يمكن أن تحدثنا عن الدوافع التي حفزتك على الاهتمام بالتراث الثقافي في حضرموت؟ بعبارة أخرى كيف كانت البداية وما الأهداف التي يسعى المركز إلى تحقيقها؟
ج1- أولا نتقدم بالشكر الجزيل على هذه المقابلة. وهذا ليس بغريب عنكم وأنتم معروفون بحبكم للتراث والثقافة.
وبالعودة للإجابة عن سؤالكم: فأنا فعلا مهندس مدني، خريج جامعه عدن هندسه مدنيه للعام 1996. وعملت في فترة سابقة مستشارا لدى منظمه GTZ الألمانية بمدينه شبام حضرموت ضمن مشروع توثيق المباني التاريخية. وخلال عملي هناك تغلغل في حب التراث بمختلف مكوناته. وترسخت لدي القناعة بأننا نقف على كنز ثقافي تاريخي، مادي وغير مادي لا يقدر بثمن، ويحب المحافظة عليه، بل ونقله وتطويره بأسلوب تقني علمي حديث إلى الأجيال الراهنة والقادمة، وكذلك إلى العالم بأسره.
وانطلاقا من هذه القناعة تولدت لدي فكرة إنشاء مركز التراث الحضرمي الثقافي في بيتي الخاص، بعد أن قمت بتجهيز القاعات، وجمعت قدرا لا بأس به من الأواني والقطع والمصنوعات الحرفية التي تدخل في إطار الموروث الشعبي، وقمت بتصنيفها وبترتبيها في دواليب ورفوف بحسب أنواعها وأقسامها. وكان لي الشرف بأنك كنت إحدى الشخصيات التي حرصت على حضور افتتاح المركز في شهر أغسطس عام 2018.
س2- التعريف بالتراث الحضاري والثقافي لحضرموت، المادي وغير المادي، يحتاج أولا إلى مبنى مناسب، يا ترى كيف استطعت الحصول على هذا المبنى الجميل الذي أصبح اليوم مركزا لحفظ التراث الثقافي الحضرمي؟ هل حظيت بدعم ما بعض الجهات الرسمية أو القطاع الخاص؟
ج2- طبعا المبنى الذي يقع فيه حاليا المركز مبنى طيني وتم تصميمه لكي يكون متعدد الأغراض والأهداف، وقد قمت بتصميمه بنفسي وبشكل هندسي يراعي تقاليد البناء الطيني السائد في وادي حضرموت، مع إدخال قليل من متطلبات الحداثة والوظيفة.
وحاليا نحاول أن نعتمد كليا على أنفسنا للقيام بدورنا في جانب حفظ وتوطين التراث وخاصه بين الأجيال الجديدة. أما بالنسبة للجهات الرسمية فلديها في الوقت الحاضر ما يشغلها. وكل ما أطلبه من دعم من السلطة المحلية بالوادي هو مساعدتنا على توثيق ما تبقى من المساحة في الجهة الشمالية لمركزنا كي نتمكن من توسيع نشاطاتنا ونعمل ما يشبه القرية التراثية.
س3- هل يمكن أن تعطينا فكرة عن أقسام المركز؟
أقسام المركز عديدة وفي تطور مستمر، منها:
1.قسم الخزفيات، ويضم أشكال وأنواع مختلفة من الخزفيات والمصنوعة من طين الجبل مثل (المحاميس) التي يحضر فيها البن، وزيار الماء والتمر وغيرها.
2.قسم أواني الطبخ القديمة وتضم عدد غير قليل من أواني الطبخ التي كان أجدادنا يستخدمونها سابقا واختفت من بيوتنا اليوم.
3. قسم الخشبيات، ويضم نماذج من الأبواب والنوافذ الحضرمية المنقوشة وملحقاتها من أقاليد ومجرات واكباش واسهم خشبيه وغيرها، وكلها دخلت في إطار الموروث الثقافي الحضرمي.
4. قسم أدوات المصنوعات الحرفية القديمة، كالنجارة والحلاقة وأدوات العلاج بالطب الشعبي في حضرموت.
5. قسم أدوات الإنارة والاضاءة، ويضم كل الأدوات التي كانت تستعمل في إضاءه البيوت مثل الفوانيس والتريكات وغيرها.
وهناك أقسام في مرحلة التأسيس والتي سنقوم بتخصيص بعضها للموروث الثقافي اللامادي، أي تسجيلات للحكايات وأهازيج الأطفال والأراجيز والقديم من الأغاني وشعر الدان الحضرمي.
س4- وكيف استطعت جمع كل هذه المقتنيات المادية الأدوات المعدنية والفخارية والخشبية التي يحتويها المركز اليوم؟
ج4- من خلال الشراء المباشر او الاهداء من الاصدقاء
س5- وكيف بدأتم في جمع التراث غير المادي؟ أقصد الأهازيج والأغاني والحكايات الشعبية؟ هل لديكم فريق عمل أو متطوعين يشاركون في عمليات الجمع؟
ج5- نحن مركز متخصص ومفتوح لجمع التراث المادي وغير المادي، ولدينا اليوم كتب وبعض الأشرطة والتسجيلات النادرة، وقمنا بشرا جهاز قديم يشغل الأشرطة المغناطيسة القديمة وتحويلها إلى أقراص مرنة أي ورقمنتها بطريقة حديثة وطويلة المدى.
كما نستقبل الباحثين والمهتمين بهذا الجانب ونقدم لهم ما نستطيع تقديمه حسب اإمكانياتنا.
س6- وكيف هو إقبال الجمهور على المركز؟ هل أقبل سكان سيؤن وحضرموت على زيارة المركز؟
ج6-الحمدلله في الفترة الأخيرة ازداد الإقبال على مركزنا، خاصه في فترة الدراسة، فالمركز يستضيف تلاميذ وطلاب المدارس ضمن برنامج (تراثي بمدرستي)، ونعتز فعلا بالإسهام في توعية الأجيال القادمة بما تركه لهم آباؤهم من عادات وتقاليد.
ونستضيف كذلك وفودا وزوارا محليين.
س7- وفي ظل توقف النشاط السياحي الخارجي هل هناك زوار من خارج حضرموت يأتون للتعرف على المركز؟
ج7- نعم تزورنا وفود من خارج الوطن ومن أغلب المنظمات والمؤسسات الدولية مثلا منظمه اليونيسكو والاتحاد الأوربي وغيرها، وكذلك عدد من الناشطين في المجال الثقافي الأجانب، وهناك بعض السياح الذين يزرون المركز من حين لآخر.
س8- هل تفكرون في إضافة أنشطة أو أقسام أخرى للمركز؟
ج8- كما سبق إن ذكرت لدينا خطط ومشاريع تطوير كثيرة ومتعددة؛ منها على سبيل الحصر لدينا نية لاستغلال بعض القاعات الموجودة لدينا في تدريب بعض الشباب على طرق جمع قطع الموروث والأهازيج والحكايات، ويمكن أن نسهم كذلك في تعليم اللغات الأجنبية، ولدينا مشروع تحويل إحدى القاعات إلى (كافيه) لتقديم شاي البخار أو السموار وفق تقالدينا الحضرمية الأصيلة.
ولدينا كما ذكرت مشروع القرية التراثية، التي يمكن أن تضم نماذج لمعدات السناوة (أي رفع المياه الجوفية من الآبار)، وكذلك تحضير معدات البناء التقليدي أي أدوات صنع المدر وسباطة النورة أو الجير الأبيض، ويمكن نخصص ركن للتمر الحضرمي والنخلة، ونجمع المستلزمات القديمة لتلقيح النخلة (أو تفخيطها) وتخبيرها. نعم لدينا العديد من بعض الأفكار والمشاريع، وما ينقصنا هو التمويل.
س8- وما أبرز الصعوبات التي تواجهونها اليوم في تنفيذ أنشطة المركز؟ هل حظيتم بدعم من الهيئات والمنظمات الدولية المختصّة في المتاحف والتراث الثّقافي؟
ج8- أبرز الصعوبات تكمن في نقص أو انعدام التمويل لمشاريعنا وليس لدينا أي دعم من الحكومة أو السلطات المحلية.
ومؤخرا شاركنا في دورات تدريبية وتأهيلية في البناء المؤسسي ودورات في بناء القدرات وحشد التمويل من وكالة سمبس للمشاريع الصغيرة والأصغر وبتمويل من منظمة اليونيسكو، وذلك ضمن برنامج دعم المؤسسات الثقافية العاملة في بلادنا.
في الأخير نحن مركز التراث الحضرمي الثقافي مؤسسة غير ربحية ولدينا مقر دائم ولدينا ترخيص نشط برقم 649 صادر من مكتب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بوادي حضرموت. ولدينا هيكل تنظيمي ولوائح مالية وإدارية، ونؤمن بمبدأ الشفافية ونسعى إلى تحقيق أعلى مقاييس الجودة. ونشكركم، أستاذ مسعود عمشوش، على إتاحتكم لنا هذه الفرصة لتسليط بعض الضوء على ما حققناه وما نطمح إلى تحقيقه في المستقبل القريب.