نوايا قيادات الانتقالي تجاه (الحلف الحضرمي)

تابعتُ ما نُشر في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا حول الاتصالات التي أجراها كل من اللواء فرج البحسني والأستاذ أحمد بن بريك مع السيد حسن باعوم، وما أثير من تساؤلات حول ما إذا كانت تلك اللقاءات تهدف إلى تعزيز مكانة حلف حضرموت، أو إلى تحقيق أهداف سياسية أخرى. كما لفت انتباهي ما كتبه هاني بن بريك مؤخرًا حول قوات حماية حضرموت.
في الحقيقة، إن الإخوة في المجلس الانتقالي – بن بريك والبحسني – سبق لهما أن تولّيا إدارة حضرموت، ولكل منهما تجربته الخاصة. فاللواء أحمد بن بريك جاء محافظًا بعد تحرير المكلا، وبذل جهدًا ملموسًا في تطبيع الأوضاع، غير أن فترته لم تدم طويلًا، واستقرت المحافظة لاحقًا، إلا أنه أُقيل بعد أن ظهرت ميوله الواضحة نحو الانتقالي والجنوب. واستمر في نشاطه ضمن صفوف المجلس الانتقالي، لكن تأثيره في حضرموت تراجع تدريجيًا، إذ لم يعد يحظى بالزخم الشعبي الذي كان له سابقًا.
زيارات ابن بريك للمكلا في ذكرى التحرير في أبريل 2025 – رغم رمزيتها – لم تحمل دلالة عملية تجاه حضرموت، إذ لم يتوجه نحو الهضبة حيث تتمركز القوى الحضرمية الفاعلة. ومع ذلك، تبقى علاقته بالحلف طيبة، رغم أنني شخصيًا كتبت مقالًا سابقًا لجسّ النبض بعد تصريحاته الأخيرة، ويبدو أن الحلف لم يتفاعل معها كما كان متوقعًا.
أما اللواء فرج البحسني، فقد جاء من خلفية عسكرية ثم تولّى منصب المحافظ، وكانت أمامه فرصة تاريخية لشراء محطة كهرباء لحضرموت من نسبة المحافظة من عائدات النفط، لكنها ضاعت للأسف. والسؤال المشروع: أين صُرفت تلك الملايين من الدولارات؟ كنا نتمنى أن يبقى موقف البحسني منسجمًا مع الحلف الحضرمي، لكنه غيّر اتجاهه نحو المجلس الانتقالي، وأصبح عضوًا في هيئته الرئاسية. ومع ذلك، بدا أن المجلس همّشه في الآونة الأخيرة.
ولاحظنا أن مدير مكتبه، الجابري، كان يصدر تغريدات تُظهر عدم ارتياحه تجاه الحلف، لا سيما بعد تسريبه الاتفاق الأخير مع السلطة، الذي أُجهض في بداياته. كما أن بعض مناصري البحسني لا يزالون يكتبون حول حدود حضرموت، مع إصرارهم على أن تكون ضمن الجنوب، في موقف يثير الجدل بين الحضارم أنفسهم.
من هنا، أوجّه نصيحتي للمقدَّم عمرو بأن يكون التحالف مع المجلس الوطني، رغم بعض الملاحظات عليه، لأنه الأقرب إلى حضرموت والأوضح في مواقفه تجاه قضاياها، ولأن اتفاقاته مكتوبة ومعلَنة. وعلى المقدم أن يكون حذرًا في التعامل مع قيادات الانتقالي، فتصريحات هاني بن بريك – رغم ما تحمله من مداعبة ومدح لحضرموت والمقدَّم وقوات الحماية – لا تخلو من رسائل سياسية تحتاج إلى قراءة متأنية.
أما السيد حسن باعوم، فهو شخصية تحظى بالاحترام والتقدير، لكن التساؤل المشروع هو: هل سيكون مع حضرموت أولًا، أم سيعمل على تطويع الحلف ليكون جزءًا من المشروع الجنوبي؟ باعوم بتاريخ نضاله الطويل جنوبي الهوية والانتماء، وقد كرّس جهوده لاستعادة دولة الجنوب. لذلك يجب على الحلف أن يستكشف نوايا جميع الأطراف قبل اتخاذ أي خطوة، فحضرموت تهم كل أبنائها، ولا ينبغي أن تكون ورقةً بيد أي طرف.
إن التصريحات المتداولة اليوم قد تكون بالونات اختبار، لكن اللقاءات التي تجري في الغرف المغلقة هي التي ستكشف المواقف الحقيقية والأهداف الكامنة. نحن مع حضرموت أولًا، ولسنا مع جرجرتها لتكون تابعة لأي جهة. كفى ما شهدته من تبعية واستغفال خلال ما يقارب 58 عامًا من السيطرة ونهب الثروات من قبل الشمال والجنوب على حد سواء، ما جعلها ذيلًا تابعًا تُفرض عليه القناعات من خارج حدوده.
إن القوة العسكرية الحضرمية التي بناها المقدم ورفاقه يجب أن تستمر في التطور والتسليح والدعم من الأشقاء، لتكون قوة لحماية حضرموت والدفاع عن أمنها واستقرارها، لا وسيلة للتوسع أو لتحقيق أطماع أي طرف، سواء من الشمال أو الجنوب.