حصاد 2023 عالمياً.. عام الحروب والكوارث والأزمات!
أنتهى عام 2023 .. وقد تميز هذا العام بأحداث فريدة ولافتة ستبقى خالدة في ذاكرة الأفراد والتاريخ.
(الأول) متابعات خاصة:
وتمثلت بداية هذا العام في سلسلة من الأحداث المهمة والمأساوية، حيث شهدت المنطقة زلزالاً عنيفاً ضرب تركيا وسوريا، وانتهت بعملية عسكرية فريدة من نوعها، وهي "طوفان الأقصى" التي ألحقت أضراراً جسيمة بـ"إسرائيل".
الأكثر دموية
وأطلق عديد من المحللين والمراقبين والمنظمات الدولية لقب "الأكثر دموية" على عام 2023؛ نظراً إلى كثرة الأحداث المأساوية، التي تسببت في خسارة كثير من الأرواح.
وفي تقرير نشرته في 14 ديسمبر الحالي، وصفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، العام 2023 بأنه "الأكثر دموية" في الضفة الغربية، منذ بدء الأمم المتحدة تسجيل وتوثيق عدد ضحايا ممارسات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة عام 2005.
وأضافت "الأونروا" أنها وثّقت مقتل 271 فلسطينياً على يد القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بينهم 69 طفلاً، إضافة إلى 8 فلسطينيين قُتلوا على يد المستوطنين الإسرائيليين.
من جانب آخر أصدرت منظمتا "اليونسكو" و"مراسلون بلا حدود"، خلال الأيام الماضية، تقريرين منفصلين، وصفتا هذا العام بأنه العام الأكثر دمويةً في تاريخ الإعلام الفلسطيني.
وبحسب مؤشر السلام العالمي 2023 في نسخته السابعة عشر، فقد شهد الصراع المستمر أكبر تدهور في مجالات مؤشر السلام العالمي.
انتكاسات بيئية
وأكد علماء أن عام 2023 شهد ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، حيث تفاقمت مستويات الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، نتيجة حرق البشر الوقود الأحفوري والتي بلغت مستوياتٍ لم تسجل في السابق.
ولم يتوقف الأمر على موجات احترار عالمية قاسية، بل امتد الأمر إلى تعرض كثير من دول العالم لظواهر طقس متطرفة مرتبطة بظاهرة تغير المناخ.
ومن أبرز الكوارث الطبيعية التي حدثت خلال عام 2023، زلزال تركيا وسوريا الذي وقع في 6 فبراير الماضي، حيث بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر.
وعقب ذلك زلزال آخر بقوة 7.7 درجات في اليوم نفسه، وامتدَ أثر الزلزال إلى سوريا؛ نظراً إلى قرب مركزه من الحدود السورية التركية؛ مما أدى إلى تفاقم الكارثة وارتفاع عدد الضحايا إلى أكثر من 50 ألف شخص بشكل إجمالي، إضافة إلى ارتفاع عدد الجرحى وتشريد ملايين الأشخاص من المناطق المتضررة.
وتعرض المغرب لزلزال آخر بلغت قوته 6.8 درجات في 8 سبتمبر الماضي، حيث كان مركز الزلزال على بُعد نحو 75 كيلومتراً جنوب غربي مدينة مراكش قرب بلدة إغيل في جبال الأطلس، تسبب الزلزال في وفاة قرابة 3 آلاف شخص، وفقًا للتقارير.
ووفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكي، لم يشهد المغرب أي زلزال بقوة 6 درجات أو أكثر في مسافة 500 كيلومتر من مركز هذا الزلزال منذ عام 1900.
تغيرات مناخية
شهد عام 2023، حوادث قاسية أخرى، يعتقد الخبراء أنها مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بتغير المناخ المتسارع.
ومع استمرار ارتفاع متوسط درجات الحرارة، سجلت بعض المصادر البحثية عام 2023 باعتباره أحد أعظم الأعوام حرارةً في تاريخ القياس، هذا التغير المناخي السريع يسهم في زيادة تكرار وشدة الظواهر الطبيعية القاسية، مما يؤثر بشكل كبير على البيئة وحياة البشر.
وتسبب ارتفاع درجات حرارة الغلاف الجوي للأرض في زيادة نسبة الرطوبة في الهواء، مما يزيد من احتمالية هطول الأمطار، ورغم أن هذا الهطول المتزايد يعد نتيجة إيجابية من حيث وفرة المياه، إلا أنه يرتبط أيضاً بجوانب سلبية.
وتجلت هذه الجوانب السلبية في عديد من الفيضانات الكارثية في عام 2023، حيث برزت فيضانات ليبيا التي أسفرت عن وفاة أكثر من 11 ألف شخص.
وشهدت عدة دول حول العالم مثل اليونان والبرازيل وغانا والهند والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والإكوادور والكونغو الديمقراطية وموزمبيق وزامبيا فيضانات عارمة كذلك خلال هذا العام.
حروب وأزمات
وشهد عام 2023، عديداً من الحروب والصراعات المسلحة التي تمتد عبر قارات العالم المختلفة، ما يهدد باحتمال توسع هذه النزاعات وتحولها إلى صراعات إقليمية، وفي أسوأ الأحوال قد تتسارع الأحداث نحو حروب دولية، مما يثير مخاوف بشأن استقرار الأمن العالمي وتأثيراتها الواسعة على الساحة الدولية.
ومن أوائل الحوادث الأمنية التي حصلت مطلع العام الجاري، عندما قُتل أكثر من 100 شخص وأصيب أكثر من 200 آخرين، في الـ30 من يناير الماضي، وذلك خلال تفجير انتحاري داخل مسجد بمدينة بيشاور في باكستان.
وتوالت بعدها العديد من الأحداث الدموية الأخرى، ولا تكاد تنتهي أزمة حتى تبدأ أزمة أخرى أقسى من سابقتها.
كما يشهد السودان اشتباكات عنيفة، منذ منتصف شهر أبريل الماضي، بين القوات المسلحة السودانية التي يقودها عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع تحتَ قيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وأدت الحرب السودانية إلى نزوح نحو 7.1 ملايين شخص، وفق ما أعلنته الأمم المتحدة، في 21 ديسمبر الماضي، واصفةً إياها بـ"أكبر أزمة نزوح في العالم".
وتسببت الحرب بمقتل أكثر من 12 ألف شخص منذ بدء النزاع، مع خروج أكثر من 80% من المؤسسات الصحية والخدمية عن الخدمة وشح المأوى ووسائل النقل.
فلسطين تتصدر
وفي قطاع غزة، أطلقت المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي، وذلك في حدث تاريخي شمل هجوماً برياً وبحرياً وجوياً وتسللاً للمقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة.
ويحمل الاسم الذي اختارته المقاومة الفلسطينية للعملية "طوفان الأقصى" دلالة الرد على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن عدد القتلى الإسرائيليين وصل إلى 1538 خلال الشهرين الأوليين من بداية المعركة، في حين تجاوز عدد الجرحى 5 آلاف.
وقال المتحدث الرسمي لكتائب عز الدين القسام أبو عبيدة، إن عدد الأسرى لدى كتائب القسام بين 200 و250، وأضاف أن 50 أسيراً فقدوا حياتهم جراء القصف الإسرائيلي.
ورداً على عملية "طوفان الأقصى"، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية ضد قطاع غزة سماها عملية "السيوف الحديدية"، وبدأها بقصف جوي مكثف على القطاع.
كما تسبب القصف الجوي في ارتفاع عدد الشهداء بقطاع غزة منذ بدء الحرب الإسرائيلية إلى 22 ألف شهيد وأكثر من 56 ألف مصاب حتى تاريخ 28 ديسمبر 2023، فضلاً عن دمار واسع في القطاع.
وفي أوكرانيا استمر مشهد الحرب وازداد تعقيده بعد فشل الهجوم المضاد، الذي شنته القوات الأوكرانية لاستعادة المناطق التي ضمّتها روسيا.
عام محوري
ويقول الباحث حارث سيف الخروصي، إن عام 2023 كان عاماً محورياً، شهد كثيراً من الأحداث المهمة في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية حول مختلف دول العالم.
ويضيف في حديثه، أن الحوادث الطبيعية كان لها صدى واسع من بين الأحداث، حيث شهد كل من المغرب وتركيا وسوريا زلازل مدمرة، كما ضرب إعصارٌ بعض المدن الليبية وأحدث دماراً هائلاً.
أما الجانب الاقتصادي، فيشير الخروصي إلى أن العام شهد استمرار صعود الذهب والمعادن النفيسة، في ظل المخاوف من استقرار نظام الدولار المهيمن على اقتصاديات دول العالم.
ويلفت إلى أن "الأحداث في اليمن شهدت خبوتاً وسط حديث عن اقتراب التوصل إلى اتفاق، ثم ما لبثت الأحداث باليمن في التصاعد بعد السابع من أكتوبر، وأصبحت محور الحديث العالمي في ما يتعلق بالملاحة العالمية وتشكيل تحالف جديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية".
ويرى الباحث أن يوم السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى) يعتبر الحدث الأبرز في عام 2023، حيث تغيرت المعادلة في المنطقة، وسقطت أسطورة "إسرائيل" والقوى الداعمة لها.
ويردف: "سقطت تلك الأسطورة عسكرياً واستخباراتياً، إذ فشلت الأجهزة الإسرائيلية في الحصول على معلومات عن حجم العملية، كما سقطت أسطورة إسرائيل وأمريكا أخلاقياً، من خلال الاستهداف الوحشي للمدنيين، وظهر الوجه الحقيقي لعديد من الأنظمة المتعاونة مع الكيان الصهيوني".