لماذا يطالب الحضارم بالانضمام إلى المملكة العربية السعودية؟
قرأت منشورًا في موقع "فيسبوك" لأحد الإخوة الحضارم النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي، يُدعى بدر بن هلابي، يقول فيه:
(لماذا لا تنضم حضرموت إلى المملكة العربية السعودية؟!)
قد يُثير هذا السؤال غضب بعض اليمنيين، وخصوصًا أولئك الذين يفكرون اليوم في إعادة الدولة الجنوبية التي اندمجت عام 1990 مع الشمال، كما قد يُثير رفضًا لدى من في الشمال ممن يريدون أن تبقى حضرموت ضمن دولة الوحدة اليمنية.
لكن الحقيقة – رغم مرارتها – لا تُرضي كلا الفريقين من حيث المصالح والأهداف وطريقة التفكير، ومع ذلك، هذا هو الواقع الذي نراه اليوم.
خلفية تاريخية:
منذ سقوط السلطنات الحضرمية عام 1967م، مرّت حضرموت وأبناؤها بجولات متكررة من الصراعات والاقتتال المسلح في أعوام 1969 و1978 و1986، وكان الخاسر الأكبر دائمًا هو حضرموت والحضارم.
في عام 1990، دخلت دولتان قائمتان — الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية — في وحدة اندماجية، رغم أن الخلافات والحروب بينهما لم تتوقف قبلها (1972، 1978، ومناوشات حدودية حتى 1988).
ما إن جفّ حبر توقيع اتفاقية الوحدة حتى اندلعت الصراعات والاغتيالات بين صُنّاعها، لتتطور لاحقًا إلى حرب 1994 التي انتهت بسيطرة الشمال على الجنوب، بما في ذلك حضرموت.
ما بعد حرب 1994:
رغم أن الأوضاع في الشمال كانت أفضل نسبيًا، فإن النظام المنتصر لم يسعَ لتجاوز آثار الحرب أو لتجنّب الظلم والتهميش والإقصاء الذي عانى منه الجنوب وحضرموت، بل كُرِّس واقع من الاحتلال الداخلي دون رحمة.
سُرِّح على إثره آلاف العسكريين والموظفين، ولم تُعالج آثار تلك الحرب، فأصبح المواطن في الجنوب، وفي حضرموت تحديدًا، مواطنًا من الدرجة الثانية.
الأحداث اللاحقة:
اندلعت الخلافات بين الشماليين أنفسهم، وشهدت مناطق الشمال ست حروب مع الحوثيين.
مع ثورات الربيع العربي، قامت ثورة تطالب بتغيير النظام، وتنحّى الرئيس علي عبدالله صالح ليخلفه نائبه عبدربه منصور هادي.
سيطرت جماعة الحوثي على صنعاء، وحاولت احتلال كامل مناطق الشمال والجنوب بالتنسيق مع صالح.
وصلت قواتهم إلى مشارف عدن وهددت الرئيس هادي في معاشيق.
تدخّل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية عبر عملية “عاصفة الحزم” بطلب من الرئيس الشرعي.
حرّر التحالف عدن وعددًا من المناطق الجنوبية.
احتلت “القاعدة” مدينة المكلا لمدة عام، ثم حررتها قوات النخبة الحضرمية بدعم مباشر من التحالف، وخاصة السعودية والإمارات، وهو موقف لا يُنسى ويظل محفورًا في قلوب الحضارم شكرًا وعرفانًا.
الواقع الحاضر:
رغم ذلك، ما تزال حضرموت تُعاني من مشاكل كثيرة، وخلافات وتدخلات خارجية في شؤونها، واليوم يعيش أبناؤها فقدان الأمل في الأمن والاستقرار وتحسين الخدمات.
انقطعت الكهرباء، وتدهورت المرافق، وتأخرت الرواتب، وانتشر الفساد، وتراجعت فرص العمل، بينما يعاني الناس الفقر والقهر، في حين تعيث فئات قليلة في الأرض فسادًا وكسبًا غير مشروع.
موقف الحضارم:
لو خُيّر أبناء حضرموت اليوم في استفتاء حرّ ونزيه — تحت إشراف الأمم المتحدة — لاختاروا الانضمام إلى المملكة العربية السعودية بنسبة تتجاوز 90%.
عاش الحضارم أكثر من نصف قرن دون استقرار أو تنمية حقيقية، وكان الخاسر الدائم هو المواطن الحضرمي في الداخل والمغترب على السواء.
مقارنة الأنظمة:
لقد أثبتت الأنظمة الملكية في العالم العربي — ومنها النظام السعودي — قدرتها على تحقيق الاستقرار والنمو، بينما فشلت معظم الأنظمة الجمهورية بسبب الصراعات والتنافس على السلطة والمناصب.
خاتمة:
قد يقول البعض إن من يطالب بالانضمام إلى السعودية غير وطني، ولكن الحقيقة أن من يبحث عن وطن مستقر وآمن هو الأشد وطنية.
فالحضارم يبحثون عن دولة تحقق لهم الأمن والاستقرار والكرامة، وتربطهم بالمملكة علاقات تاريخية وجوار وقرابة ودم ودين ومذهب واقتصاد.
نسأل الله أن يُهيئ لحضرموت ما فيه الخير والطمأنينة.
